الكحة في الليل هي مشكلة صحية شائعة قد يعاني منها العديد من الأشخاص، وتعتبر واحدة من أكثر الحالات إزعاجاً خاصة عندما تؤثر على جودة النوم. هذه الكحة يمكن أن تكون بسبب العديد من الأسباب المختلفة، بدءًا من التهابات الجهاز التنفسي إلى أمراض أكثر تعقيدًا. في هذا المقال، سنناقش الأسباب الرئيسية للكحة في الليل، وكيفية تأثيرها على الصحة العامة، وأهم العوامل التي تساهم في تزايدها خلال الليل، بالإضافة إلى الطرق التي يمكن اتباعها للتخفيف منها.
1. التهابات الجهاز التنفسي
تعتبر التهابات الجهاز التنفسي من أبرز الأسباب التي تؤدي إلى الكحة في الليل. يمكن أن تكون هذه الالتهابات في صورة نزلات برد بسيطة أو التهابات فيروسية أو بكتيرية أكثر تعقيدًا. من أشهر الحالات التي تسبب الكحة في الليل:
-
الزكام: الزكام يعد من أكثر الأمراض الشائعة التي تسبب سيلان الأنف، احتقان الحلق، والكحة. عندما يكون الشخص نائمًا، تتراكم المخاطات الناتجة عن الزكام في الحلق والجهاز التنفسي، مما يؤدي إلى الكحة المستمرة.
-
التهاب الحلق: يمكن أن يتسبب التهاب الحلق الناتج عن عدوى فيروسية أو بكتيرية في الشعور بالألم والحكة في الحلق، وهو ما يزيد من الكحة خاصة عند الاستلقاء في الليل.
-
التهاب الشعب الهوائية: يعد التهاب الشعب الهوائية، سواء كان حادًا أو مزمنًا، أحد الأسباب التي تساهم في الكحة الليلية. حيث أن تراكم المخاط في الشعب الهوائية يمكن أن يؤدي إلى تهيجها وبالتالي حدوث الكحة.
2. الربو
الربو هو مرض مزمن يصيب الجهاز التنفسي ويؤدي إلى التهاب وتضييق في الشعب الهوائية. من المعروف أن أعراض الربو تتفاقم أثناء الليل، مما يجعل الكحة أسوأ في هذه الفترة. يحدث هذا بسبب عدة عوامل، مثل:
-
تراكم المخاط: أثناء النوم، يمكن أن يتراكم المخاط في المسالك الهوائية، مما يفاقم من الأعراض.
-
انخفاض درجات الحرارة: الهواء البارد يمكن أن يؤدي إلى تضييق الشعب الهوائية، مما يزيد من فرص حدوث نوبات الكحة.
-
التعرض للمهيجات: بعض المهيجات مثل الغبار، الحيوانات الأليفة، والعطور يمكن أن تتسبب في تفاقم أعراض الربو، مما يزيد من الكحة في الليل.
3. ارتجاع الحمض (الارتجاع المعدي المريئي)
ارتجاع الحمض هو حالة تحدث عندما يتسرب حمض المعدة إلى المريء. يمكن أن يتسبب ذلك في تهيج الحلق والمريء، مما يؤدي إلى الكحة. عادة ما يزداد هذا الارتجاع أثناء النوم لأن الشخص يكون في وضعية الاستلقاء، مما يسهل على الحمض العودة إلى المريء وبالتالي تهيج الحلق. وتشمل الأعراض الأخرى المصاحبة للارتجاع المعدي المريئي الحموضة، والطعم المر في الفم، والشعور بحرقة في الصدر.
4. الحساسية
الحساسية من الغبار، العطور، أو المواد المثيرة الأخرى يمكن أن تسبب تهيج الجهاز التنفسي وتؤدي إلى الكحة المستمرة. من المعروف أن الحساسية تزداد في الليل بسبب عدة عوامل:
-
تراكم الغبار: أثناء الليل، قد تتراكم الأتربة والغبار في غرف النوم مما يؤدي إلى تهيج الأنف والحلق.
-
التعرض لحبوب اللقاح: في بعض الفصول، تكون حبوب اللقاح في الهواء أكثر تركيزًا في الصباح والمساء، مما يزيد من حدة الحساسية والكحة.
5. جفاف الهواء
الهواء الجاف، خاصة في فترات الشتاء أو في المناطق ذات الرطوبة المنخفضة، يمكن أن يتسبب في جفاف الحلق والممرات الهوائية، مما يؤدي إلى الكحة في الليل. يؤدي هذا الجفاف إلى تهيج الأنسجة المخاطية في الجهاز التنفسي العلوي، مما يزيد من الرغبة في الكحة. ويمكن أن يكون استخدام أجهزة الترطيب في الغرفة أحد الحلول لتخفيف تأثير الهواء الجاف.
6. التدخين
التدخين يعد من العوامل المساهمة في الكحة المزمنة، سواء كان الشخص مدخنًا نشطًا أو تعرضه للتدخين السلبي. يؤدي التدخين إلى تهيج الشعب الهوائية وتدمير الأنسجة الرئوية مما يجعل الشخص أكثر عرضة للإصابة بالكحة. التدخين يؤثر بشكل خاص في الليل حيث تزداد الأعراض بسبب الاستلقاء الذي يزيد من تراكم البلغم والمخاط في المسالك الهوائية.
7. أمراض القلب
في بعض الحالات، يمكن أن تكون الكحة في الليل علامة على مشاكل في القلب. الأشخاص الذين يعانون من قصور في القلب قد يعانون من تجمع السوائل في الرئتين، وهو ما يعرف بالوذمة الرئوية. هذا التجمع السائل يؤدي إلى تهيج الشعب الهوائية ويؤدي إلى الكحة الليلية. عادة ما يكون هذا النوع من الكحة مصحوبًا بأعراض أخرى مثل ضيق التنفس أو تورم في الساقين.
8. الأدوية
بعض الأدوية قد تسبب الكحة كأثر جانبي، خاصة الأدوية التي تحتوي على مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين (ACE inhibitors)، التي تُستخدم عادة لعلاج ارتفاع ضغط الدم. قد تسبب هذه الأدوية الكحة الجافة، التي تزداد حدتها في الليل. من المهم مراجعة الطبيب إذا كانت الكحة ناتجة عن تناول الأدوية لتحديد البدائل المناسبة.
9. الأمراض المزمنة الأخرى
بعض الأمراض المزمنة مثل التليف الكيسي أو الأمراض التي تؤثر على الجهاز التنفسي، يمكن أن تكون السبب في الكحة المستمرة. التليف الكيسي يتسبب في تراكم المخاط اللزج في الرئتين، مما يؤدي إلى انسداد الممرات الهوائية وبالتالي حدوث الكحة المستمرة، والتي تتفاقم عادة أثناء الليل بسبب الوضعية الاستلقائية.
10. التغيرات البيئية
الانتقال بين فصول السنة أو التغيرات المفاجئة في الطقس يمكن أن تؤدي إلى تفاقم الأعراض التنفسية المختلفة. في فصلي الخريف والشتاء، تتزايد نسبة الإصابة بنزلات البرد والتهابات الجهاز التنفسي، مما يزيد من الكحة في الليل. كما أن التغيرات المفاجئة في درجات الحرارة، مثل دخول غرفة دافئة بعد التعرض لجو بارد، قد تساهم في تحفيز الكحة.
علاج الكحة الليلية
تعتمد طريقة العلاج على السبب الكامن وراء الكحة. ولكن توجد بعض التدابير العامة التي يمكن أن تساعد في التخفيف من الكحة في الليل:
-
استخدام مرطب الهواء: يساعد مرطب الهواء على منع جفاف الهواء، مما يخفف من تهيج الحلق.
-
شرب السوائل: يساعد شرب الماء أو المشروبات الدافئة مثل الشاي بالعسل في تهدئة الحلق.
-
رفع الرأس أثناء النوم: يساعد رفع الرأس أثناء النوم على تقليل تراكم المخاط والبلغم في الحلق.
-
الابتعاد عن المهيجات: مثل الغبار، العطور، والدخان.
-
استخدام الأدوية المناسبة: مثل مضادات الهيستامين للحساسية أو أدوية السعال التي يصفها الطبيب.
الكحة في الليل قد تكون مجرد عرض لعدد من الحالات الصحية المختلفة. فإلى جانب أن معظم حالات الكحة تكون مؤقتة ومجرد نتيجة لالتهاب أو حساسية، فإن هناك بعض الحالات التي قد تكون مؤشراً على وجود مشكلة صحية أكثر تعقيداً. من المهم أن يتابع الشخص حالته الصحية مع الطبيب المختص لتحديد السبب الدقيق ووضع خطة علاج مناسبة.
